May 9, 2018

Cannes 2018 | 3

ثلاث مخرجات متنافسات وخمسة نساء في لجنة تحكيم 

«كان»: محمد رُضـا

لم تكن الأصوات التي انتقدت غياب أفلام نسائية الإخراج عن المسابقة الرسمية للدورة الحادية والسبعين من مهرجان «كان» السينمائي بالوفرة التي سادت في الأعوام القليلة الماضية. 
ذلك أن الدورة الجديدة، من ناحية، تضم عدداً من المخرجات اللواتي سيطرحن أعمالهن في مسابقة المهرجان الرسمية كما في المسابقات الجانبية. ثانياً، لأن المنتقدين أدركوا أن المهرجانات لا تُدار على أساس أي من الجنسين، الذكر أم الأنثى، سيكون حاضراً، بل إذا ما كانت أفلام نسائية تستحق المشاهدة.

• Girls of Sunshine 

سؤال من نادين لبكي
في كل الحالات، استجاب المهرجان ورئيسه التنفيدي تييري فريمو، إلى النقد الذي وجّـه إليه قبل ثلاثة أعوام ورفع من عدد المخرجات المشتركات. وفي هذه الدورة تحديداً نجد ثلاثة مخرجات يتنافسن على جوائز «كان» في المسابقة الرسمية وثلاثة أخريات في مسابقة «نظرة ما». الأسماء النسائية تتوزع أيضاً في أقسام «نصف شهر المخرجين» و«أسبوع النقاد» وليس للمرّة الأولى. 
في المسابقة لدينا نادين لبكي، تلك المخرجة اللبنانية المثابرة التي ربحت أشواطاً من الإعجاب بفيلميها السابقين «سكر بنات» (2007) و«هلأ لوين؟» (2011). فيلمها المشارك عنوانه «كفر حانوم». أول أفلامها كان أفضل من الثاني. كان دراما عن نساء يعملن في صالون حلاقة نسائي ومشاغلهن داخل العمل وخارجه. بارقة أنثوية لامعة حققت المرجو منها فناً وتجارة. 
الفيلم الثاني كان كوميدياً حول نساء قرية يقررن امتلاك مقاليد الحكم في تلك القرية بسبب خلاف الرجال وتوهاتهم السياسي والإجتماعي. كان فيلماً طامحاً لما لم يتم إنجازه كاملاً بسبب رهان على قبول الفانتازيا التي حملها.
هذا الثالث، الذي سيعرضه المهرجان في طيات الأسبوع الثاني من دورته، غامض. إذا ما تفحصنا دليل المهرجان، سنجد أن المخرجة إكتفت بثلاثة أسطر مأخوذة من حوار بين قاضٍ وصبي يسأل الأول: "لماذا تريد أن تقاضي والديك؟"، فيرد الصبي "لأنهما أتا بي إلى الحياة". هذا لا يقول شيئاً يذكر ولا هي لفتة إعلامية جيدة خصوصاً إذا ما توخت إثارة تشويق ما من هذا المقتطف.
قبله سنشهد عرض «سعيد مثل لازارو» للإيطالية أليس رورواكر (ألمانية الأب) الذي يتمحور حول الفتى الذي يعيش في بلدة صغيرة والثري الذي يطلب منه تلفيق خطفه. 
إنه الفيلم الخامس للمخرجة التي تبدّت قبل إثنا عشر سنة كمخرجة واعدة. مثل لبكي حققت فيلمها الأول، «الشيء المفقود» سنة 2006 وقدمته من على شاشة مهرجان روما آنذاك
الفيلم الثالث من إخراج إمرأة في المسابقة الرسمية هو «بنات الشمس» لإيفا أوسون. هذا فيلمها الروائي الطويل الثالث وكان الأول (وعنوانه «هؤلاء الذين بسببهم تبقى الأمور معقدة») عرض في مهرجانين فرنسيين صغيرين (بريڤ وڤندوم). فيلمها الجديد يبدو أكثر تعقيداً من أي من أعمالها السابقة إذ تدور أحداثه حول مجموعة من المحاربات الكرديات في العراق يواجهن قوات المتطرفين. قائدة هذه المجموعة (غولدشفته فرحاني) تحاول في الوقت نفسه البحث عن إبنها المفقود.

خلل في لجنة التحكيم!
تقييم هذه الأفلام سينتظر حتى عروضها، لكن هذا الحضور وراء الكاميرا ليس الوحيد في سياق الإهتمام بمنح المرأة وجوداً يحتل حيزاً كبيراً، بل اختار المهرجان أن ينتقي خمسة نساء في لجنة تحكيم تتألف من تسعة أعضاء.
النساء هن الممثلة كايت بلانشيت، التي ترأس لجنة التحكيم، والمخرجة الأميركية أفا دوفرني والموسيقية (لم يحدد المهرجان هويتها الأفريقية) خاديا نين والممثلة الفرنسية ليا سيدوز (إحدى بطلتي فيلم «اللون الأزرق أكثر دفئاً») والممثلة الأميركية كرستن ستيوارت.
أما الرجال فهم الممثل الصيني تشانغ تشن والكاتب والمنتج الفرنسي روبير غويدنيان والمخرج الروسي أندريه زفينتسف والمخرج الكندي دنيس فيلنيوف.
هناك خلل لكنه ليس ناتجاً عن عدد المحكمات الإناث في مقابل عدد المحكمين الرجال. هذا يتبع صورة يريد المهرجان التباهي بها. لكن الخلل الفعلي هو الجمع بين مخرجين من عمالقة سينما اليوم هما فيلنيوف وزفينتسف وبعض الأسماء الأنثوية التي لم يسمع عنها أحد (خاديا نين التي ليس لديها أي عمل موسيقي للسينما ولا أي نشاط سينمائي في أي جانب آخر) أو التي برزت من دون نضج وما زالت على هذا النحو (ليا سيدوكس).
كيف سيمكن لمن لا يعرف الكثير أن يدير الحكم على النتائج المقبلة سيبقى بدوره أمراً مستقبلياً نصل إليه في تحليل لاحق ومحاولة قراءة توجهات اللجنة تبعاً لمعرفة (أو جهل) من فيها.

الإقتراب من هذه الثلة، نساءاً ورجالاً، ممنوع. في «كان» خصوصية مطلقة وضرورية بالفعل. كايت بلانشيت لم تتفوه شيئاً حتى من قبل وصولها إلى «كان» يوم أول من أمس (الإثنين). كانت، حسب مصدر فرنسي، أول الأعضاء الذين وصلوا إلى المهرجان وجلستها الأولى مع أعضاء اللجنة تمّـت بعد ظهر يوم أمس.