| خالد الربيع • أفلام عربية قصيرة |


ستة أفلام قصيرة لستة مبدعين 
عرب يتداولون هموماً وحالات.

خالد الربيع | السعودية

 «بونبونة» | ركان ياسين  (فلسطين)


يمكن اعتبار «بونبونة» فيلمًا فلسطينيًاجريئًا وصادمًا لمن لا يعرف ماذا يدور في السجون الإسرائيلية، وهو حال معظمنا... يناقش الفيلم قضية تهريب النطف المنوية من السجون الإسرائيلية إلى الخارج، رغبة في الإنجاب حتى لو بطريقة غير حسية، يفرغ الزوج سائله المنوي في كيس صغير، ثم يغلفه في ورق سولفان، ليبدو مثل حلوى البونبون، فتأخذه الزوجة وتفرغه داخلها...دقائق قليلة (15 دقيقة) مدهشة، قدم فيها الفيلم صورة مباشرة لعملية التهريب هذه، والتي تعكس رغبة السجين الفلسطيني وزوجته في أن يرزقا بمولودهما الأول. هو الحب إذن والتحايل على أعتى القضبان والأسوار،لتتحقق إرادة استمرار الانسان الفلسطيني في نضالهباللهفة والأمل في الغد..تلك اللهفة التي بدت صادمة وغير متوقعة أمام المشاهد، ولكنها بالتأكيد هي السبب الأول لبراعة الفيلم الذي أخرجه ركان المياسي، في قالب واقعي رصين، واشتغله دراميًا وكأنه حدوتة مقتطفة من فيلم طويل، والى درجة كبيرة ظهر الممثلان صالح بكري ورنا علم الدين في أداء طبيعي متقن.

 «حلاوة» | هناء الفاسي  (السعودية)


يحمل «حلاوة»، للمخرجة السعودية هناء الفاسي، طرحًا مهمًا عن فتاة سعودية تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، وما تواجهه من معاناة نفسية جراء رد فعل المجتمع. فيلم يدخل تحت دائرة التجريب للأدوات الدرامية باستخدام الأبيض والأسود، واللون الأحمر في إبراز دم البلوغ والهلع الذي تصاب بها الفتاة. ترسم فيه الفاسي صورة واضحة لقسوة المجتمع على الفتاة في بدايات مراهقتها، اضطهادًا ليس ذكوريا فقط، بل قد يأتي من النساء أيضا، وجهل والدتها بشكل أساسي لعدم ارشادها لما سيدور بها عند حلول تلك المرحلة، وهو الأمر الأفدح، رعونة الأب وشبقه الذي قد يتسبب في عقدة نفسي للفتاة. الفيلم يقارب كل تلك التفاصيل المغروسة في دواخل المجتمع إما بفعل الثقافة أو بفعل السياقات الاجتماعية والاعراف السائدة، فالمرأة قطعة حلوى أو (حلاوة)، هكذا شبهتها الفاسي، وهكذا يفرض المجتمع بأن تتغطى هذه الحلوى، بالعباءة والخمار والسواد حتى لا يتحرش بها الرجال، استخدمت الفاسي هذه المقاربة بصورة مباشرة ووضعتها أمام أعيننا، لتجعلنا نقر بأن الخطأ في الأعراف والتربية والثقافة المتزمتة.

 «زيارة الرئيس» | سيريل عريس  (لبنان)


نجد في فيلم «زيارة الرئيس» السخرية والنقد المغلفان بكوميديا الموقف. يأخذنا الفيلم إلى بلدة وديعة على الساحل اللبناني، يعيش أهلها في هدوء وسلام، إلى أن يشيع بها خبر عزم الرئيس على زيارتها، وهنا يبدأ الأهالي في تزيين شوارع وأزقة مدينتهم الصغيرة. ثمة مصنع صغير للصابون، يجتهد صاحبه في تهيئته لاستقبال الرئيس، خصوصًا أن الرئيس سيأتي لتفقده، وهنا يتصدر أحد المسؤولين في البلدة لوسائل الاعلام مدعيًا أنه يمتلك المصنع، فتنشأ بين صاحب المصنع الحقيقي والمسؤول المدعي مشاجرات ومشاحنات نخرج منها بدراما كوميدية الموقف تقوم على المفارقة والفنتازيا الخفيفة. 

 «العبور» | أمين نايفة  (فلسطين)


يصحب هذا الفيلم المشاهد إلى ما قد يسمع عنه ولا يراه، فمن المؤكد أن المشاهد العربي لا يعرف عن الفلسطينيين بالداخل سوى ما تبثه نشرات الأخبار في الفضائيات، والتي دون شك تغفل جوانب عميقة تدور في الحياة اليومية للشعب الفلسطيني. من هنا تأتي أهمية الأفلام التي تتناول أحداث ومجريات لا نعرف عنها الا القشور... يحكي الفيلم حكاية شقيقين وأختهما يريدون العبور من أحد المعابرالإسرائيلية للدخول إلى مدينة أخرىلزيارة جدهم المريض. ولا يمكن إلا للصورة أن تروي معاناة الفلسطينيين في دخول المعابر والخروج منها، ومن خلال لقطات واسعة تعرفنا إلى القيد الذي يفرضه الجدار حول الضفة الغربية، واللقطات القريبة داخل المعبر تكشف الضغوطات التي يعيشها الفلسطيني عند الاستجواب أو طلب الإذن للحصول على تصريح. حيرة وصمت يخيم على أبطال الفيلم في المشهد الأخير، وهو أبلغ تعبير عن قلة الحيلة والرفض والاستهجان.

 «مارشيدير» | نهى عادل  (مصر)


«مارشيدير» أو «الرجوع بالسيارة إلى الخلف» كما هو شائع في اللهجة المصرية الشعبية. سيدة تدخل بسيارتها في زقاق قاهري ضيق و ذي اتجاه واحد، يقابلها سائق في الاتجاه المعاكس، ويتعاند الاثنان: من عليه أن يتراجع بسيارته ليفسح الطريق للآخر. مفارقة مكثفة في 14 دقيقة لا تترك للمشاهد ثانية للتفكير بغير ما يدور أمامك. كوميديا اجتماعية سوداء تحمل إشارات عن مساندة المرأة وذكورية الرجل في الحياة اليومية في الشارع المصري. رجل يتمنى طلاق زوجته ولا يستطيع. وامرأة تتحدى المجتمع لأنها على صواب. أشخاص يتعاركون بالصراخ والشتائم،وأشخاص يريدون حل الموقف،وآخرون يتفرجون، مارة ومطلون من النوافذ والبلكونات. السيدة (الممثلة منى النموري) عنيدة وباردة، أما صاحب السيارة التي دخل بسيارته خطأً، (الممثل أحمد عصامغاضب ومزمجر، وراكب رأسه، كما يقولون. المخرجة، والمؤلفة ومنتجة الفيلم، نهى عادل، نجحت في رصد الموقفب فيلمها الأول هذا، وساعدتها إدارة التصوير والمونتاج في نقل حالة عابرة تحمل الكثير من المضامين الخفية والمؤثرة في الثقافة العامةللشارع المصري.

 «موعد صلاة» | أحمد الكويتي  (البحرين)


يتطرق «موعد صلاة» إلى مفهوم العامة لمكانة المسجد ومدى حرمانيته والتعامل معه على أنه مكان مقدس لا ينبغي أن يحدث فيه أي شيء غير الصلاة، تلك الثقافة المستحدثة والتي لا أصل لها...تدور فكرة الفيلم حول قصة تحدث في موعد صلاة بأحد المساجد الصغيرة في منطقة نائية، حيث تتعطل سيارة صديقتين، إحداهما حامل بالأشهر الأخيرة وتوشك أن تضع مولودها قرب المسجد، فتلجآن إلى المسجد طلباً للمساعدة، ومن هنا تبدأ الأحداث التي يناقش فيها المخرج البحريني أحمد الكويتي مكانة الرموز المقدسة في حياتنا، لا سيما كيفية فهمنا لقدسية المسجد، كما يناقش الفيلم المواقف الملتبسة التي تجعل المرء حيال قرار بين دينه و إنسانيته، إذ يتجسد ذلك في الصراع بين سيدتين وإمام مسجد مسنرفض في البداية دخول السيدتين إلى بيت الله المخصص للعبادة، والذي، أيضًا، لا يصح أن يشهد ولادة سيدة، خاصة في وقت اقتراب موعد الصلاة وتوافد المصلين على المسجد. الفيلم متقن في نواح عديدة من أدواته، وحبكته تقارب الواقع، إلا أن ضعف التمثيل في بعض مشاهده وحواراته بين السيدتين يبعد المشاهد عن مواكبة الحالة الحرجة التي تتعرضان لها السيدتان، الفيلمبطولة الممثلة الإماراتية الشابة فطيم الشامسي، والمصرية هيام صبري، وأحمد الحاتمي.